أقوال الفقهاء الأربعة في جواز الأخذ من اللحية
هذا جمع لأقوال السادة الفقهاء من المذاهب الأربعة في جواز الأخذ من
اللحية، وهم في ذلك على ماقاله الإمام ابن عبدالبر في التمهيد: واختلف أهل
العلم في الأخذ من اللحية فكره ذلك قوم وأجازه آخرون.
قلت وهذا ماعليه الفقهاء الأربعة كما سترى.
ولن أتطرق إلى حلق اللحية ولا إلى حد اللحية...ونحو ذلك إذ البحث فقط
في أقوال الفقهاء في حكم الأخذ من اللحية.
مذهب السادة الحنابلة
قال المرداوي في الإنصاف:
ويعفى لحيته، وقال بن الجوزي في المذهب: ما لم يستهجن طولها.
ويحرم حلقها، ذكره الشيخ تقي الدين، ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة،
ونصه لا بأس بأخذ ذلك وأخذ ما تحت حلقه، وقال في المستوعب: وتركه أولى، وقيل: يكره
وأطلقهما بن عبيدان، وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه.
قال الحجاوي في الإقناع:
إعفاء اللحية ويحرم حلقها، ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة، ولا أخذ
ما تحت حلقه، وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه.اهـ
قلتُ: إذا كان أخذ مازاد على القبضة لايكره، فأخذ مادون القبضة مكروه.
قال البهوتي في الروض المربع:
ويعفي لحيته ويحرم حلقها، ذكره الشيخ تقي الدين، ولايكره
أخذ مازاد على القبضه منها وما تحت حلقه.
قال السفاريني في غذاء الألباب: قال في الإقناع وشرح المنتهى وغيرهما
: لا يكره أخذ ما زاد على القبضة من لحيته ولا أخذ ما تحت حلقه . وأخذ الإمام أحمد
رضي الله عنه من حاجبيه وعارضيه ، نقله ابن هانىء .
وقال في الفروع : ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة ، ونصه لا بأس بأخذه
وتحت حلقه لفعل ابن عمر رضي الله عنهما لكن إنما فعله إذ حج أو اعتمر. رواه
البخاري .
فائدة
قال ابن الجوزي في كتابه "أخبار الحمقى والمغفلين":
الباب الخامس في ذكر صفات الأحمق. عدد بعض الصفات ثم قال: ومن
العلامات التى لا تخطىء طول اللحية فان صاحبها لا يخلو من الحمق.اهـ
مذهب السادة الشافعية
قال الإمام الشافعي في الأم:
وأحب إلى لو أخذ من لحيته وشاربيه حتى يضع من شعره شيئا لله، وإن لم
يفعل فلا شيء عليه؛ لأن النسك إنما هو في الرأس لا في اللحية.
وقد قال الإمام الغزالي في الإحياء: فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة،
ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه، فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية.
وقال النخعي: عجبت لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته
ويجعلها بين لحيتين فإن التوسط في كل شيء حسن، ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر
العقل.
ولكن محيي الدين النووي في المجموع اعترض على كلام الغزالي بقوله:
والصحيح كراهة الاخذ منها مطلقا بل يتركها على حالها كيف كانت.
قال ابن حجر في الفتح معقبا على كلام النووي:
وكأن مراده بذلك في غير النسك لأن الشافعي نص على استحبابه فيه.
قال البغوي في شرح السنة: كره قص اللحية كفعل بعض الأعاجم يقصون اللحى
، ويوفرون الشوارب ، وكان ذلك من زي آل كسرى.
فائدة المكروهات العشر في اللحية
قال النووي في المجموع:
ذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب ثم الغزالي في الاحياء في اللحية
عشر خصال مكروهة:
احداها: خضابها بالسواد الا لغرض الجهاد ارعابا للعدو باظهار الشباب
والقوة، فلا بأس إذا كان بهذه النية، لا لهوى وشهوة، هذا كلام الغزالي وسأفرد فرعا
للخضاب بالسواد قريبا ان شاء الله تعالى.
الثانية: تبييضها بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة، وإظهارا للعلو
في السن لطلب الرياسة والتعظيم والمهابة والتكريم ولقبول حديثه وايهاما للقاء
المشايخ ونحوه.
الثالثة: خضابها بحمرة أو صفرة تشبها بالصالحين ومتبعي السنة لا بنية
اتباع السنة.
الرابعة: نتفها في أول طلوعها وتخفيفها بالموسى إيثارا للمرودة
واستصحابا للصبي وحسن الوجه وهذه الخصلة من أقبحها.
الخامسة: نتف الشيب وسيأتي بسطه ان شاء الله تعالى.
السادسة: تصفيفها وتعبيتها طاقة فوق طاقة للتزين والتصنع ليستحسنه
النساء وغيرهن.
السابعة: الزيادة فيها والنقص منها.
الثامنة: تركها شعثة منتفشة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه.
التاسعة: تسريحها تصنعا.
العاشرة: النظر إليها إعجابا وخيلاء غرة بالشباب وفخرا بالمشيب وتطاولا
على الشباب، وهاتان الخصلتان في التحقيق لا تعود الكراهة فيهما إلى معنى في اللحية
بخلاف الخصال السابقة والله أعلم.
وزاد الإمام النووي على هذه الخصال:
ومما يكره في اللحية عقدها... قال الخطابي: في عقدها تفسيران:
أحدها: أنهم كانوا يعقدون لحاهم في الحرب، وذلك من زى العجم.
والثاني: معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد وذلك من فعل أهل التأنيث
والتوضيع.
لطيفة
قال ابن حجر في الفتح: قال الكرماني : لعل ابن عمر أراد الجمع
بين الحلق والتقصير في النسك فحلق رأسه كله وقصر من لحيته ليدخل في عموم قوله
تعالى ( محلقين رءوسكم ومقصرين ) وخص ذلك من عموم قوله " وفروا اللحى "
فحمله على حالة غير حالة النسك.
قلت: الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك بل كان يحمل
الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو
عرضه.اهـ
مذهب السادة المالكية
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم":
وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن ، ويكره الشهرة فى تعظيمها وتحليتها
كما تكره فى قصها وجرها ، وقد اختلف السلف هل لذلك حَدٌّ ؟ فمنهم من لم يُحدِّد
شيئا في ذلك الا أنه لم يتركها لحدِّ الشهرة ويأخذ منها ، وكره مالك طولها جدًا ،
ومنهم من حدَّد ، فما زاد على القبضة فيزَال ، ومنهم من كره الأخذ منها إلا فى حج
أو عمرة.
قال ابن عبدالبر في "الاستذكار":
أخْذ بن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في
غير الحج؛ لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج؛ لأنهم أُمروا أن يحلقوا أو
يُقصروا إذا حلوا محل حجهم ما نهوا عنه في حجهم.
وبن عمر روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أعفوا اللحا وهو أعلم
بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء الأخذ من اللحية ما تطاير
والله أعلم .
وروي عن علي رضي الله عنه: أنه كان يأخذ من لحيته ما يلي وجهه.
وقال إبراهيم: كانوا يأخذون من عوارض لحاهم،
وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته.
وعن أبي هريرة: أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة.
وعن بن عمر مثل ذلك.
وعن الحسن مثله.
وقال قتادة: ما كانوا يأخذون من طولها إلا في حج أو عمرة، كانوا
يأخذون من العارضين.
قال رحمه الله:
روى أصبغ عن بن القاسم قال سمعت مالكا يقول لا بأس أن يأخذ ما تطاير
من اللحية وشذ
وقال فقيل لمالك فإذا طالت جدا فإن من اللحى ما تطول قال أرى أن
يؤخذ منها وتقصير
وقد ذكر أبو عيسى الترمذي في المصنف قال حدثني هناد بن السري
قال حدثني عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها
وأخبرنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا بن الأعرابي قال حدثني
سفيان عن بن طاوس عن أبيه أنه كان يكره أن يشرب بنفس واحد وكان يأمرنا أن نأخذ من
باطن اللحية
وروى سفيان عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر أنه كان يعفي لحيته
إلا في حج أو عمرة
وعن عطاء وقتادة مثله سواء
وروى عبيد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر كان إذا قصر من لحيته
في حج أو عمرة يقبض عليها ويأخذ من طرفها ما خرج من القبضة
وكان قتادة يفعله
وكان محمد بن كعب القرظي يرى للحاج أن يأخذ من الشارب واللحية
وكان قتادة يأخذ من عارضيه
وكان الحسن يأخذ من لحيته
وكان بن سيرين لا يرى بذلك بأسا
وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كانوا يأخذون من جوانب
اللحية .
وقال رحمه الله:روى أصبغ عن بن القاسم قال سمعت مالكا يقول لا بأس أن
يأخذ ما تطاير من اللحية وشذ.
وقال فقيل لمالك: فإذا طالت جدا فإن من اللحى ما تطول؟
قال: أرى أن يؤخذ منها وتقصر.
وقد ذكر أبو عيسى الترمذي في المصنف قال حدثني هناد بن السري
قال حدثني عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها.
وأخبرنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا بن الأعرابي قال حدثني
سفيان عن بن طاوس عن أبيه: أنه كان يكره أن يشرب بنفس واحد وكان يأمرنا أن نأخذ من
باطن اللحية.
وروى سفيان عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر: أنه كان يعفي لحيته
إلا في حج أو عمرة.
وعن عطاء وقتادة مثله سواء.
وروى عبيد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر: كان إذا قصر من لحيته
في حج أو عمرة يقبض عليها، ويأخذ من طرفها ما خرج من القبضة.
وكان قتادة يفعله.
وكان محمد بن كعب القرظي يرى: للحاج أن يأخذ من الشارب واللحية.
وكان قتادة يأخذ من عارضيه.
وكان الحسن يأخذ من لحيته.
وكان بن سيرين لا يرى بذلك بأسا.
وروى سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يأخذون من جوانب
اللحية.
وقد صح عن بن عمر ما ذكرناه عنه في الأخذ من اللحية، وهو الذي روى عن
النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى وهو أعلم بما روى.
لطيفة:ذكر الحافظ ابن عبدالبر من صفة الإمام مالك:
حدثني أحمد بن عبد الله ومحمد بن علي قالا حدثني أبي قال حدثني محمد
بن فطيس قال حدثني يحيى بن إبراهيم قال حدثني محمد بن يحيى قال ... رأيت مالك بن
أنس لا يغير الشيب، وكان نقي البشرة، ناصع بياض الشيب، حسن اللحية، لا يأخذ
منها من غير أن يدعها تطول.
مذهب السادة الحنفية
جاء في الموطأ من رواية محمد ابن الحسن
قال مالك حدثنا نافع : أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ
من لحيته ومن شاربه.
قال محمد بن الحسن الشيباني: ليس هذا بواجب من شاء فعله
ومن شاء لم يفعله.
قال ابن مودود الموصلي في "الاختيار لتعليل المختار":
وإعفاء اللحى ، قال محمد عن أبي حنيفة : تركها حتى تكث وتكثر والتقصير فيها سنة ،
وهو أن يقبض الرجل لحيته فما زاد على قبضته قطعه لأن اللحية زينة وكثرتها من كمال
الزينة وطولها الفاحش خلاف للسنة.
وقال البابرتي في "العناية في شرح الهداية": روي { أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها } أورده أبوعيسى في
جامعه، وقال:من سعادة الرجل خفة لحيته .
وذكر أبو حنيفة رحمه الله في آثاره عن عبد الله بن عمر : أن عبد الله
بن عمر كان يقبض على لحيته ويقطع ما وراء القبضة ، وبه أخذ أبو حنيفة وأبو يوسف
ومحمد رحمهم الله .
قال المرغياني في "الهداية شرح البداية" معرض حديثه: مايكره
للصائم ويباح: ولا يفعل لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة.
قال الزيلعي في "تبيين الحقائق": وقد جاءت السنة بمنعه عنه
في الإحرام ولا يفعل ذلك لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهي القبضة وما زاد
على ذلك يقص لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها
أورده أبو عيسى رحمه الله وقال من سعادة الرجل خفة لحيته وكان
عبد الله بن عمر يقبض على لحيته ويقطع ما زاد على القبضة
لطيفة
قال المرغياني في "الهداية": وكذا حلق
بعض اللحية معتاد بالعراق وأرض العرب
