كثيرًا ما نرى ونسمع تعريف الذوات بالألقاب المتداولة في المجال الأكاديمي (بروفيسور، دكتور…) أو التعريف باللقب المهني والرتبة الوظيفية (مهندس، مدير…) وفي اعتقادي أنه مشكلة في مهارة التواصل الاجتماعي مع الآخرين إذا استُخْدِمَ في غير موضعه أو عند اللقاء الأول؛ لأنه يَخْلُق حجابًا يخفي حقيقة الذات عبر التسلق بالألقاب الوظيفية والأكاديمية، مع أن الأولى حصر تداولها في مجالها وبيئتها، لا خارج نطاقها ودائرتها، وخاصة عند التعارف مع الآخرين للمرة الأولى؛ لأن تقييم الذات ليس بالشهادات والمناصب والخبرات فقط فأنت لستَ متقدمًا على وظيفة جديدة حتى تسرد سيرتك الذاتية أو ما يسمى (SV)، بل تتعرف على إنسان آخر قد يختلف عنك في البلد والثقافة والدين، ولذلك فإن تقييمك عنده يكون بأخلاقك وطريقة تواصلك الفعال معه والإيجابي.
إن سرد مثل هذه الألقاب ونحوها يعتبر أمرًا كماليًا، وخارجًا عن حقيقة الذات، فلا يهم الرجل البسيط في الشارع إن كنت دكتورًا أو مديرًا، فليس طالبًا عندك أو موظفًا لديك.
هذه الألقاب أعراض "برستيجية" خارجة عن حقيقة الذات، كبقية الانتماءات سواءً كانت رياضية أو عرقية أو مذهبية… .
وهي تعتبر من الكماليات في مورد التعريف فإنها تشير إلى تعظيم النفس، والزهو بها، وهذا قد يترك انطباعًا سيئًا عند بعض الناس؛ لأنهم يُقَدِّرون مفهوم المخالفة بأن المُعَرِّف بنفسه يقول لهم: "أنا أفضل منكم؛ لأني أنا دكتور وأنت دون ذلك، أو: أنا مدير/ رئيس وأنت أدنى مني" وهذا كما قلنا ينجم عن مشكلة في مهارات الاتصال الفعال والإيجابي.
ويندرج في هذا الحديث ما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي، فما الفائدة أن يُعرف الإنسان بنفسه أنه طبيب -مثلًا- ثم لا يكتب حرفًا واحدًا عن الطب ويفيد متابعيه.
بل قد يسيء بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى نفسه وإلى جهة عمله من خلفه بكلماتٍ ربما قالت لصاحبها دعني، لذلك الأولى اجتناب ذلك مالم تكن هناك مصلحة، نحو المثالين التاليين:
المثال الأول: الطبيب
إذا كان الطبيب يكتب نصائح طبية في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها فالتعريف بنفسه بأنه طبيب لازم وحتمي؛ لأنه يجعل المستمع يطمئن للنصائح الطبية.
المثال الثاني: عالِمُ اجتماع
إذا كان عالم الاجتماع يُشَخِّص المشكلات الاجتماعية ويحلل الظواهر الاجتماعية فهذا من المصلحة الضرورية في بيان أنه دكتور أو مختص اجتماعي.
وكما هو معلوم فإن ضرب المثال يُرَاد منه التصوير والتقريب لا الحصر والحد، وعليه: فإن لم يكن هناك حاجة وفائدة فالأفضل اجتناب ذلك، مالم تدعُ إليه الحاجة، وكلُّ إنسان يُقَدِّر المصلحة بنفسه.
ختامًا: أوجه التحية والاحترام والتقدير إلى أولئك العلماء والكتاب والمفكرين الذين عرفناهم بآثارهم العلمية ولم نعرف أنهم (دكاترة) إلا مؤخرًا لأنهم لا يستعملون حرف الدال إلا نادرًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق