الأربعاء، 9 يوليو 2025

وقفة نقدية مع عالم الطنطورية

عالم الرواية بالنسبة لي هو فسحةٌ ومتنزهٌ بين عوالِم صعبة من العلوم كالفلسفة أو الكلام أو الفقه…، فنقرأ في الأدب -الروائي منه غالبًا- ليأخذنا في نزهة قصيرة في عالمه.

وكان الاختياري هذه المرة على رواية الطنطورية للأديبة الروائية رضوى عاشور، وقد سمعتُ كثيراً من الثناء على هذه الرواية قبل قراءتها، وقد وجدتُ أنها تستحق هذا الثناء الذي قيل عنها، وقد أرخت الروائية قصة تهجير الفلسطينيين وحياة الشتات التي يعيشها الفلسطينيون والحرب الأهلية اللبنانية…، واستفدتُ منها كثيرًا من المعلومات التاريخية والأدبية التي جرت في الرواية خاصة عند حديثها عن الوقائع التاريخية في الحرب الأهلية والميليشيات التي اعتدت على الفلسطينيين في لبنان والمجزار الإسرائيلية في لبنان…، وعن بعض الأدباء من أمثال غسان كنفاني وأنيس الصايغ وبيان نويهض الحوت… .

كلما وقفتُ على فائدة أو نكتةٍ أدبية أو علمية أو تاريخية أو غير ذلك في كتابٍ روائي قفزت إلى ذهني تغريدة كتبها أحد المتفلسفين -منسوب إلى الفلسفة- يزعم أن الروايات مضيعة للوقت ولا علم فيها، وهذا الكلام بهذا الإطلاق فيه سطحية مضحكة، وأظن السبب هو الغرور الفلسفي بحفظ بعض المفاهيم الفلسفية لأنه يتكلم بلسان فلسفي نخبوي لا تفهمه العامة كاديالكتيك الهيجلي والكوجيتو الديكارتي والقراءة الهرمنيوطيقية؛ لأن تجريد الأدب الروائي من الفائدة المعرفية يكذبه الواقع نفسه، ومنه روايتنا الطنطورية أو عالَم صوفي الذي يؤرخ تاريخ الفلسفة أو مشكلة سبينوزا وغيرها كثير، بل لو لم تكن للرواية فائدة لم يكتب فيها كبار الفلاسفة من أمثال فيلسوف التنوير فولتير والفيلسوف الوجودي جان بول سارتر… نعم أنا ضد الإكثار والإغراق في الروايات باعتبار ترتيب القارئ وطالب العلم لسلم أولوياته المعرفية، وكما قلتُ في أول المقالة هي فضاء يستريح به العقل ليستجمع قواه فهي استراحة محارب.

الطنطورية:

لن أذكر محاسن الرواية فالكل تكلم عنها وأثنى عليها، ولكن لدي وقفات نقدية مع الرواية:

1- كلمات كفرية سيقت على لسان أبطال الرواية يقشعر لها البدن مثل لعن الإله والدين.

2- إغراق الكاتبة بالكلمات العامية واللهجات المحلية خاصة الفلسطينية، وإن كانت عملت معجم في الآخر لشرح بعضها إلا أنه توجد منها ما لم تورده في معجمها ويحتاج إلى تفسير، ورغم هذا تمنيت المحافظة على الفصحى قدر المستطاع فهيا ولو حصرت اللهجة العامية في المحاورات فقط لكان أخف؛ لأن القيمة اللغوية المشتركة بين الشعوب العربية هي الفصحى فإن أعجزتنا لهجاتنا المحلية عن التواصل فيما بيننا كانت الفصحى هي الجسر العابر بين الدول العربية.

3- الأخطاء النحوية والإملائية والصرفية والطباعية، وأظنها عن عمد إلا الأخيرة.

4-- الإطناب والتطويل الكبير فيما يمكن إجماله واختصاره، وهذا الإطناب من أهم أوجه القصور البلاغي.

5- الألفاظ البذيئة والسوقية التي تنافي الذوق العام ويخجل المرء من ذكرها.